الايام نيوز
الايام نيوز

مشاهد محمد الطيب عابدين روزنامة حرب قلب الوطن (29)

بسم الله الرحمن الرحيم

مشاهد
محمد الطيب عابدين

     *روزنامة*
*حرب قلب الوطن*

“””””””””””””””””””””””””””””
( ٢٩ )

و الحرب تكمل شهرها السادس، بات مُلحاً الآن تحليل و تفكيك المقولات الفاسدة، و التساؤلات الحيرى في شأن حرب الخرطوم قلب الوطن، على شاكلة : جيش الكيزان .. حرب الديمقراطية.. الحرب ضد الفلول.. حرب لإزالة دولة ١٩٥٦م .. جدلية من أشعل الحرب و أوقد ثقابها؟ .. هل ثمة مرتزقة أجانب بالدعم السريع ؟ .. هل كل المستنفرين مع الجيش كيزان؟ .. قوات العمل الخاص كيزانية .. هل هي حرب قبائل ( رزيقية، مسيرية، وعرب غرب السودان ) ضد الجيش؟ .. من يدير حرب الجنجويد ضد الشعب السوداني، و لماذا؟ .. ما هي مآلات حرب الخرطوم قلب الوطن؟ .

 *نشطت آلة الحرب الإعلامية للدعم السريع، و منذ الوهلة الأولى في دمغ الجيش السوداني بأنه ( جيش الكيزان ) و ليس جيش قومي للسودان*، لم يكن ذلك عبثاً أو خبط عشواء، بل كيد أريد بالجيش لصرف تأيد الشعب عنه، و إستثمار كراهية الناس للحركة الإسلاموية السودانية، قرين ما أفسدته في حكمها للسودان خلال ثلاثون عاماً عجافاً بشهادة مفكري الحركة الإسلاموية ذاتها *( د. حسن الترابي، المحبوب عبد السلام، الأفندي، د. الطيب زين العابدين، د. حسن مكي  و غيرهم )*؛ إلا أن تفكيك المقولة الفاسدة بأن الجيش جيش كيزان، تنتج لنا الحقيقة وهي أن *الجيش به كيزان، ولكنه لم يكن و لن يكن جيشاً تنظيمياً خاصاً بهم، فليس كل ضباط و ضباط صف و جنود الجيش السوداني هم أعضاء في الحركة الإسلاموية، و إلا لماذا كونوا ( الدفاع الشعبي ) و لماذا أنشأوا كتائب ظل و إعترفوا بها ( حديث علي عثمان محمد طه )، و كتيبة البراء بن مالك، و إذا كان كل الجيش كيزان*، كيف سقط حكم الحركة الإسلاموية و جيشها يتفرج ؟ . نعم الجيش به كيزان كما به شيوعيون و بعثيون و حزب أمة، فلماذا لم يكنى الجيش بأسمائهم أو أحدهم ؟ .

بعد حرب الخرطوم ، قطعاً لن يكون كما قبلها ، و لن نقبل أن يكون للجيش أيديولوجية حزبية، أو ألقاب حزبية حتى و إن كانت من قبيل الكيد و الحقد السياسي، لن يكون الجيش مسرحاً للعراك الحزبي، ولن يكون مطية لأحزاب للوصول إلى السلطة؛ و لا يقبل أيضاً ان يكون لكل ( زعيم ) جيشه الخاص أو حركته المسلحة لتحرير السودان.. تحرره مِن منْ؟؟؟ ؛ يجب بل يتحتم أن يكون جيش قومي موحد يعبر عن ( السودانوية ) لا لون و طعم و لا رائحة حزبية له، جيش السودان و حسب، ( جيش قوقو ) .

الحرب لا تصنع ديمقراطية، لأن الديمقراطية عمل مدني و ليس عسكري، و الديمقراطية لا تُفرض بقوة السلاح فمن أشراطها الأولى ( الحرية ) حرية إختيار الناخب في إنتخابات حرة ونزيهة و شفافة؛ و الديمقراطية لا يأتي بها جهلاء لا يعرفون كنهها و لا وصفها و لا مطلوباتها، الديمقراطية لا تأتي بالقتل و الإغتصاب و النهب، و إلا كانت ( دقلوقراطية).. وليس ( ديمقراطية ).

الحرب على الفلول ( المؤتمر الوطني )، ذريعة أوهى من بيت العنكبوت، و أسخف من ترهات الحمقى، لم تنطلي على أغرار السياسية حتى؛ كيف تحارب من صنعك ؟ .. كيف تحارب من مولك ؟ .. كيف تحارب سيدك الذي كنت تواليه حيناً من الدهر ؟ .. ثم هل أنت حاربته حقاً أم حاربت المواطن الأعزل و نهبت ماله، و سرقت داره، و أغتصبت حرائره، و بعت فتياته في أسواق الرق في وادي جهنم و غيره، ثم قتلته دون جريرة أو ذنب إلا أنه من أهل الخرطوم و مواطنها و ساكنها؛ لم تكن تلك حرباً على الفلول بل كانت حرباً على الشعب السوداني في الخرطوم، و كتم، و نيالا، و مكجر، و زالنجي، و الجنينة، و العيلفون؛ حرب تغيير ديمغرافي، تاريخي، ثقافي، إجتماعي، حرب ضد هُوية السودان .

ثم ماذا عن كيزان الدعم السريع؟ .. لماذا يصمت عنهم دعاة حرب كيزان الجيش؟ .. هل هو سكوت عن جهل أم خجل أم غباء؟ .. أم تراهم ظنوا أن الشعب السوداني لا يعرف الحقيقة؟ ..

و لتحليل و تفكيك جدلية من أشعل الحرب أولاً علينا تتبع مسار التحركات العسكرية لنستبين الحقيقية؛ في يوم ١٢ أبريل تحركت قوة من الدعم السريع و إحتلت مطار مروي الدولي، و قد برر حميدتي تصرفه ذلك بأن المطار به مجموعة من القوة الجوية المصرية تريد أن تضرب الدعم السريع، تبرير لا يصمد أمام الحقائق التي تقول أن الطائرات المصرية موجودة في مطار مروي منذ أكثر من عام، فهل تذكرها حميدتي فجأة في ذلك اليوم و هو يعلم بوجودها قبل أكثر من عام؟ .. ثم لماذا أصلاً تضرب الطائرات الحربية المصرية الدعم السريع؟ .. هل من سبب لهذه الفرضية الوهمية الذرائعية ؟ .. هي مجرد كذبة و تغطية بلقاء على إحتلاله لمطار مروي الذي بدأ به الحرب في يوم ١٢ أبريل و ليس في يوم ١٥ أبريل ٢٠٢٣م . دعك من كل حالات الإستعداد و التجهيز و التشوين الحربي التي أعدها الدعم السريع؛ و ما صرح به قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو بأنه ( بكرة حا يدق الكلبشات في يد البرهان و الكباشي)، كل هذا يؤكد أن الدعم السريع أعد للحرب و بدأها في يوم ١٢ أبريل و ليس ١٥ أبريل .

بعد ستة أشهر من القتال في الخرطوم ، و قبل ذلك ، تأكد لكل ذي بصيرة أن ثمة أجانب يقاتلون في صفوف الدعم السريع، كان أشهرهم القائد حسين الأمين شوشو رئيس حركة ( مظلوم ) التشادية الذي ظهر في مقطع فيديو معرفاً عن نفسه، مشهراً سلاحه، مقاتلاً الشعب السوداني في قلب وطنه، في معيته عصبة من رفاقه بالحركة، و غيره من الضباط و الجنود من جنسيات شتى ( الإمارات، ليبيا حفتر، روسيا فاغنر، النيجر، نيجيريا، مالي، أفريقيا الوسطى، و موريتانيا )، تم إستجلاب بعضهم بعد إشتعال الحرب، و كثير منهم كان مجنداً في الدعم السريع من قبل، دُفِعَ بأفواج منهم إلى حرب اليمن مقابل المال؛ و في ثورة ديسمبر ٢٠١٨م المجيدة، كان الناس يشاهدون جنوداً ( دعامة ) أجانب يتحدثون الفرنسية و لغات و لهجات آخرى يسدون عليهم الطرقات و يتنمرون عليهم في بلادهم، و قائد الجيش البرهان يسمع و يرى، و رئيس الوزراء حمدوك لا يسمع و لا يرى، ولكن الله يرى ..

*و فرية أخرى أطلقها الإعلام الحربي لقوات الدعم السريع المتمردة، أن المستنفرين مع الجيش ( كلهم كيزان )،* ليقلل من حماسة الشباب و تدافعهم للإستنفار حتى لا يدمغوا بأنهم كيزان فلول؛ لو كان للكيزان هذه المجاميع الضخمة من الشباب فمن كان يحتشد في ميدان الإعتصام بقيادة الجيش، ثم كيف زال و نزع حكمهم و لهم هذه الحشود الكبيرة من الشباب ؟ . *جاء الإستنفار العام نتيجة حتمية لممارسات الجنجويد و تنكيلهم بالناس، و الحقيقة أن الدعم السريع هو السبب الرئيس في تدافع الشباب للقتال مع الجيش و مساندته حتى يحمى عرضه و ماله و أرضه، و إذا كان من بين المستنفرين بعض كيزان فهم جزء من منظومة الإستنفار العام لا أفضلية لهم على أحد و لا ينبغي أن تكون، فنداء التعبئة العامة و الإستنفار جاء لكل قادر على حمل السلاح إلا من أبى او كان صاحب غرض، و كما قيل ( الغرض مرض* ) . 


*و المقولة الأكثر فساداً من سابقيها، أن قوات العمل الخاص إنما هي مجموعة كيزانية،* سبحان الله هل عجز الجيش السوداني بكل تاريخه و إرثه القاتلي من لدن قوة دفاع السودان و حربها في المكسيك و الكفرة، مروراً بمشاركة الجيش السوداني في الحروب ضد العدو الصهيونى في الأعوام ١٩٤٨م، ١٩٦٧م، ١٩٧٣م في مصر جنباً لجنب مع الجيش المصري، و بأخره في الخرطوم، *هل عجز هذا الجيش أن ينشئ قوات عمل خاص تقوم بمهام خاصة و بمواصفات خاصة، حتى يأتي الكيزان و يعلموه ذلك؟، ذلك إفك مبين،* و بهتان عظيم الغرض منه الفت في عضض هذا الجيش العظيم؛ *ولعل الكيزان قد طربوا لهذه المقولات الفاسدة فروجوا لها و زادوها حطباً ليوهموا الناس أنهم من يقود و يحرك الحرب و أن النصر بيدهم لا بيد الجيش، وتلك مقولة فاسدة لا يستطعمها عاقل،  فما النصر إلا من عند الله أولاً ، و بيد الجيش ثانياً* .

أما عن السؤال الملغوم هل هي حرب قبائل ضد الجيش ؟، نجيب بأن الأسئلة المفخخة تصمم عمداً لتنفجر في المجتمع فتشتت شملة و تبعثر ترابطه و تمزق نسيجه، لذلك يحاول الإعلام الحربي لقوات الدعم السريع و غرفه الإلكترونية بث روح التشكيك من تحول الحرب إلى حرب أهلية قبلية؛ ولكن الواقع يقول أن الجنجويد ليس له قبيلة و لا عشيرة، و أن الجيش السوداني ليس له قبيلة و لا بطن، فكل قبائل السودان تتدامج في نسيج لحمة الجيش السوداني فهو قومي و يجب أن يكون و يظل؛ كما أن التلميح الخبيث بأن قبيلة الرزيقات و المسيرية هما قبيلتا الدعم السريع، قول فيه تجريح لأن الجيش أيضاً يحتوي على أبناء تلك القبائل و منذ أكثر من مائة و قبل أن يولد الدعم السريع نفسه، كما أنه ليس كل رزيقي او مسيري جنجويدي، ذلك ظلم عظيم .

و عن مقولة أن الحرب لأجل إزالة دولة ١٩٥٦م، فهي مقولة كاذبة و فاسدة كسابقاقتها من الأكاذيب الكبرى ..فالذي طالب بإستقلال السودان هو عبد الرحمن محمد إبراهيم دبكه من عد الفرسان من دارفور .. و الذي ثني هذا المقترح هو أيضاً من غرب السودان و هو مشاور جمعه سهل .. والذي رفع علم السودان هو إسماعيل الأزهري من مدينة الُأبيض غرب السودان … فبأي ألا ربكما تكذبان .

و نأتي إلى السؤال اللحيح في ظل غياب و تغيب معظم قادة الدعم السريع، و تدمير غرف التحكم و السيطرة و الإتصال التابعه له، من يدير عملياته العسكرية و يخطط له ؟؛ تثبت الوقائع و شهادات بعض جنود الدعم السريع، و التحريات مع المعتقلين الأجانب بواسطة قوات الجيش أن مجموعة ضباط أجانب من الإمارات، ليبيا حفتر، فاغنر روسيا، الحرس الرئاسي النيجر، و ضباط عرب نيجريا و مالي و أفريقيا الوسطى، و موريتانيا، هم من يخطط الهجمات و مكانها و كيفيتها و توقيتها بإستخدام أجهزة حديثة بعضها متصل بأقمار صناعية، و آخرى يدوية يحملها عملاء العدو المبثوثين في الأحياء و قرب المواقع العسكرية للجيش، بينما يتولي ضباط الدعم السريع التنفيذ، فبئس المخطط و المنفذ .

نختم بمآلات حرب الخرطوم قلب الوطن، و هي أربعة لا خامس لها، إنتصار الجيش و حسم المعركة، وهو الأمر الذي يطلبه كل الشعب السوداني – إلا الخونة – و إن استغرق وقتاً و جهداً و تضحيات جسام، فالرأي العام لا يقبل بوجد الدعم السريع بأي شكل من الأشكال، و المآل الثاني هو إنتصار الدعم السريع و من شايعه و حسم المعركة لصالحه، و ذلك أمر فشل فيه الدعم السريع وهو يقف على المسافة صفر من القيادة العامة للجيش، و مساكن قادته، و فشل فيه حينما كان يملك العدة و العتاد و المال، فكيف له أن ينجح فيه وقد خسر كل معسكراته، و غرف التحكم و السيطرة و الإتصالات، و جل أجناده ( الأشاوس )، ولم يتبقى له إلا حفنة من قادته الصغار بعد أن هلك قائده و صاحبه حميدتي و عدد من كبار جنرالاته، و هرب قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو إلى خارج السودان تاركاً جنده في الميدان . أما الإحتمال الثالث في مآلات الحرب، هو إختراق محادثات السلام بشكل جاد و صادق و إبرام إتفاقية سلام مع الدعم السريع تقضي بخروجه من بيوت المواطنين و المستشفيات و دور العبادة و كل الأعيان المدنية أولاً و فوراً، ثم النظر في مستقبله بالدمج في الجيش أو تفكيكه و تسريحه و إعادة المقاتلين الأجانب إلى دولهم، او بقائه بشكل من الأشكال، و الآخير يصطدم برغبة جامحة و قاطعة لدي معظم المواطنين في عدم مقبولية إعادة إنتاج الدعم السريع بأي صورة و تحت أي زريعة، فقد قالها الثوار من قبل ( العسكر للثكنات و الجنجويد ينحل)، لذا فنحن ندعم جيش السودان ليحمي الأرض و العِرض و النفس و المال، لا ليحكم فالحكم ينبغي أن يكون مدنياً ديمقراطياً عبر إنتخابات حرة ونزيهة و شفافة .

نواصل بإذن الله تعالى 

محمد الطيب عابدين
الجمعة ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٣م
بري أيقونة الخرطوم

التعليقات مغلقة.