الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون العودة للبيوت بقلم د. عبد العظيم حسن

دولة القانون
العودة للبيوت
الخرطوم أم قرى السودان، وبسقوطها فإن وطناً جديداً ينتظر البناء وإعادة الإعمار. هذا الهم، ولأنه عسير، فعلى عاتق كل السودانيين يقع. السودان الذي لم يتأسس صحيحاً نهبت خيراته وتبددت طاقاته هدراً. تحاشي الردة وعدم العودة لمناظر القرون الوسطى التي خلفتها الحرب تستلزم الإقرار بأن سكان العاصمة لعبوا الدور الجوهري في اندلاع هذه الحرب بل واستمرارها كل هذه المدة. معظم الخرطوميين كانوا مجرد متفرجين على صراع السلطة المحتدم بين العسكريين والقوى المدنية. الخروج من هذا النفق يتطلب ممن صنعوا هذه الحرب، سواءً صراحة أو ضمناً، أن يغيبوا أو يغيبوا عن المشهد القادم وذلك ببرنامج مبسط يقضي بإحالة الحرس القديم للتقاعد إلى أن يحين حسابهم.
لتتوقف الحرب وتبدأ العودة للبيوت فهناك حزمة من المسائل تتلخص في: المسألة الاولى: الاستفادة من وسائط التواصل الاجتماعي والانطلاق منها لتنظيم القواعد المهنية والاجتماعية. فأثناء الحرب، وحتى قبلها لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في نجاح الثورة وفعالياتها. صحيح أن لتلك الوسائط مسالبها، مع ذلك تظل الإيجابيات تتفوق على المساوئ طالما وضعنا بالحسبان التدابير التي تحد من العيوب. المسألة الثانية : إن الانتظار لن يجدي، فلابد من مشاركة الجميع في كل عمليات البناء والتي تبدأ من مرحلة اختيار الوجوه الجديدة كلياً. فالجُدد، ولكون اختيارهم هذه المرة مطلوب قاعدياً، فسيجدوا الدعم المطلق على المستويين المهني والمحلي والقطري. المسألة الثالثة: إعطاء أولوية قصوى للملف الأمني دون الاحتكاك بالأجهزة النظامية بقدر الإمكان. فعلى شباب الأحياء تقسيم أنفسهم في دوريات تتناوب على النظافة ومواجهة عمليات النهب والسرقات المنظمة. المسألة الرابعة: يجب على كل قطاع مهني، وبجانب الانتظام في لجان نقابية تمهيدية أن ينسقوا على مستوى الأحياء ويخصصوا مراكز لتقديم المعونة والمشورة الفنية والدعم الصحي والنفسي والقانوني. سلوكنا التكافلي المعلوم سيأخذ بالاعتبار جمع التبرعات لتوفير الميزانيات الضرورية للإيواء وسد الحاجات الطارئة. المسألة الخامسة: عدم التعويل على الإغاثات والمعونات الأجنبية، فواحدة من أهم الدروس المستفادة أن هذه الحرب لم تكن لتندلع لولا دخول الأجنبي بيننا وطمعه في مواردنا. فخيراتنا وإرادتنا ستجبر العالم على التعاون معنا بكل ندية واحترام. المسالة السادسة: ملامح خطة وقف الحرب ومن ثم العودة ترتبط وجوداً وعدماً بالمهنيين. فالمهنيون عليهم أن يتجاوزا خلافاتهم ويضطلعوا بمسؤوليتهم راسمين وممارسين الديمقراطية في الترشح والاختيار ابتداءً من أنفسهم ثم العمل على نشر الوعي والمطالبة بمشاركة الجميع تفعيلاً لحقهم في الاختيار وفقاً لأسس الكفاءة والنزاهة.
في هذه المراحل التأسيسية، ومتى ما تم إتباع الوسائل السليمة فآلام الحرب وجراحاتها ستتحول لمكاسب تتجلى في السودان المأمول. بوضعنا للهدف ورسمنا للخطة المرنة التي تنطلق من الأحياء والمحليات بعيداً عن المحاصصة والمجاملة والشللية فإن النتائج ستكون باهرة، وفي مدة وجيزة.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
1 ديسمبر 2023

التعليقات مغلقة.