الايام نيوز
الايام نيوز

دولة القانون الحل الألمعي [2] بقلم د. عبد العظيم حسن

دولة القانون
الحل الألمعي [2]
الرجوع لتطلعات المواطن والالتزام الصارم بحقه في المشاركة والمشورة أساس الديمقراطية والحكم الراسخ. فالعمل العام الذي لا تسانده الأغلبية، ولو البسيطة، يعد مفتقراً للشرعية. بكافة العلوم التقنية والإنسانية تتأسس الصحة والسلامة على الأرقام لأن دلالاتها لا تكذب. فالأرقام والأوزان وما في حكمها من علوم الحساب تمثل القرينة التي لا تحتاج لإثبات أو جواز الطعن إلا إذا شابت النتائج الخطأ أو التزوير. بالطبع الأخطاء، وبلا كثير عناءً، يسهل اكتشافها وتصويبها. بالمقابل يظل الاختطاف وتزييف إرادة المواطنين أسوأ الممارسات التي تجهض التجارب الديمقراطية.
الحروب لا تتوقف بالعواطف وإنما بحلول أشبه بالمعجزات والأفكار الألمعية والمدعومة بدراسات تستند على تحديد موقف السودانيين من أهداف هذه الحرب ومكاسبها وخسائرها وما إذا كان من الجائز أو المحتمل أن يصطفوا مع من سينتصر فيها. ولأن هذه الحرب ولغت فيها أطراف محلية وأخرى أجنبية، فيتعين الإجابة على مدى قبول السودانيين لأن تُفرض عليهم أي تأثيرات من أي جهة مهما كانت دواعيها؟ تدل الإحصائيات أن أكثر من تسعين بالمائة من المواطنين لا يرون أو بالأصح لا يرغبون في أن يكون للجنرالين البرهان وحميدتي أي
مستقبل سياسي أو حتى عسكري. بالتالي فإن الإجماع لوقف هذه الحرب يتأسس على هذه الإرادة المطلقة والتي لا تتيح أي فرص لهما أو لأحدهما أن يحصل أو يسعى ليحصل على أي مشروعية. أي رؤية حزبية أو غيرها لا تستوعب هذا المؤشر أو تتحرك في اتجاه مغاير فإنها ضد مصالح الأمة وتطلعاتها. عوداً لذي بدء، يظل مبدأ احترام إرادة الشعوب والعمل على تحقيقها أساس الاستراتيجيات والتكتيكات الصريحة والضمنية. بهذا القدر من الوضوح والمواجهة الصريحة والمباشرة لقادة الحرب فإن قرار وقفها لن يكون محسوماً وحسب وإنما يجب أن يقطع الأمل بالكلية أمام أي جهات تتماهى أو تحاول تتماهي مع تلك القيادات لأن مصيرها سيكون الانتحار السياسي.
إذا كان أكثر من تسعين بالمائة من الشعب ضد الجنرالين، فلا يجوز للأقلية أن يسوقوا لمبررات المطالبة ببقاء أو عودة الجنرالين أو أحدهما للسلطة. حجج هذه الأقلية لا يجوز أن تستند لعنصر الخوف الذي يتم استغلاله لاستمرار الحرب أو رغبة البعض في أن يدعموا أحد الجنرالين ليبلغوا معه أو عبره للسلطة. هذه الظنون يجب أن تتقهقر أمام الإجماع الكاسح والإرادة المصطفة لتحقيق الهدف. أثبتت التجربة أن الفوضى وخلق حالات عدم الاستقرار تظل السبيل لعودة أو استمرار العسكر في السلطة. عادة تزداد فرص التخوف من استمرار الحرب وبصورة أكثر شراسة طالما كان اتفاق الجنرالين على اقتسام السلطة لم ينقطع عنه العشم بإغراءات وتبريرات بعض القوى السياسية. بشأن تحقق الإرادة ووسائل الإجماع الوطني على الإجراءات والتدابير التي توقف الحرب هذا ما سنتناوله في المقال القادم بإذن الله.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
5 ديسمبر 2024

التعليقات مغلقة.