دولة القانون الشاطر حسن
دولة القانون
الشاطر حسن
بلا شك أن عبد الفتاح البرهان يعتبر أسوأ شخصية تسنى لها حكم السودان. فالرجل، وعلى الرغم من الفرصة العظيمة التي أتاحتها له ديسمبر المجيدة ليحدث أكبر نقلة نوعية في التاريخ إلا أنه، في كل مرة، يصر بأن ينطبق عليه المثل: “مرمي الله ما بترفع”. فبدلاً من الوقوف مع الشعب يؤثر الركون لخندق الساقطين. مرة أخرى، وبدلاً عن دعم المؤسسة العسكرية التي استأمنته قائداً عليها إذا به يخذلها سعياً لتمكين آل دقلو مستجيباً لطلبهم تعديل قانون قوات الدعم السريع مصدراً مرسوماً عيّن بموجبه محمد حمدان دقلو نائباً أولاً لمجلسه العسكري. البرهان هو من استسلم لاشتراط حميدتي إلغاء المادة 5 من قانون قوات الدعم السريع بحيث لا تخضع قواته لما ينطبق على منسوبي القوات المسلحة. أي أن البرهان هو من فتح المجال لحميدتي ليكون قوة موازية للقوات المسلحة بكل ما يحمل اللفظ من معنى.
صحيح أن البرهان ارتكب خطأً استراتيجياً فادحاً، غير أن هذا الخطأ لا يحتمل العلاج بمثله. فمراوغات البرهان المعلومة وعدم رغبته في تسليم السلطة، لا تبرر مظاهرة الدعم السريع على حساب القوات المسلحة. فبنفس الطريقة التي استمال وأغرى بها البرهان، نجح حميدتي في أن يلعب دور الحمل الوديع مخترقاً مركزي الحرية والتغيير وإقناعه بأنه الضكران قاهر الكيزان. في الحقيقة أن حميدتي نجح، ومبكراً، في أن يمرر أجندته على الحرية والتغيير، عبر شخصيات نافذة أجادت التغلغل وسط المدنيين، ساعياً بذلك لإفشال مطلب الشارع “الجنجويد ينحل”.
المؤسف أن حميدتي أول من فضح الحرية والتغيير كاشفاً عن اتفاقيات سرية تم توقيع بعضها في وجوده وأخرى في غيابه. من ضمن تلك الاتفاقيات ورقة تحديد الجهات التي يجوز أن تكون طرفاً في الاتفاق الإطاري. كذا تبيّن أن هناك اتفاق آخر يقضي أن يتم دمج قواته خلال ما لا يقل عن عشرة سنوات. مؤكد أن هذه الاتفاقيات تمت إما مع البرهان منفرداً، أو دون علم قوات الشعب المسلحة. إذ من المستحيل أن تقبل مؤسسة عسكرية محترفة مثل هذا الشرط سيما وأن المنطق يقتضي رفض ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة تمدد قوات الدعم السريع على حساب الأصل. السؤال الذي يطرح نفسه: هل كانت العودة لفتح الملف الأمني والعسكري بمثابة إفاقة لقوات الشعب المسلحة لتدرك خطأ قائدها الذي جاء وقت رحيله طوعاً أو كرهاً؟ كذا ما هي مصلحة الثورة في أن يكون التفاوض على دمج الدعم السريع بدلاً عن حله؟ لماذا، وفي كل مرة، يكون الشعب هو من يدفع ثمن غش من يعتقد أنه الشاطر حسن ليصل أو يبقى في السلطة؟
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
14 أبريل 2023
التعليقات مغلقة.