للحديث بقية عبد الخالق بادى تخفى المتمردين أطال الحرب والمنظمات تتخاذل!!
للحديث بقية
عبد الخالق بادى
تخفى المتمردين أطال الحرب والمنظمات تتخاذل!!
لا اعتقد أن هناك من يتمنى أن تستمر هذه الحرب اللعينة بين قوات الشعب المسلحة والمتمردين أكثر من ذلك،فقد رأينا جميعاً الاعداد الكبيرة من القتلى(رحمهم الله) والجرحى(شفاهم الله) الذين سقطوا بسببها واغلبهم من المدنيين،والذين مات معظمهم نتيجة سقوط قذائف وأعيرة طائشة على بيوتهم،وهم خسارة كبيرة للبلد،فليس هنالك أغلى من النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق.
إطالة أمد الحرب الجميع يعلم سببه،وهو تغلغل المتمردين داخل الأحياء السكنية، بعد أن نجحت قوات الشعب المسلحة فى تدمير كل معسكراتهم،حيث اتخذوا المواطنين دروعا بشرية ،فأصبحت تدور رحاها فى الشوارع والأزقة داخل الأحياء السكنية،بل لاحظنا أن بعض المتمردين استولى على بيوت المواطنين وجعلوها قواعد و منصات لمضادات الطيران ولإطلاق القذائف .
حالة النزوح التى شهدتها العاصمة طبيعية فى ظل انعدام الأمن وتدهور الوضع المعيشى،كما أن الكثير من ضعاف النفوس استغلوا الأزمة للتكسب الرخيص ،فقاموا برفع أسعار المحروقات واسعار السلع الغذائية وكذلك تذاكر النقل داخل العاصمة .
ما أستغرب له هو أن الأمم المتحدة والكثير من المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية بل بعض المنظمات المحلية،ظلت ومنذ اندلاع القتال فى ال١٥من هذا الشهر،تقف فى محطة المناشدات والنداءات،حيث لم تبذل أى جهد حقيقى على أرض الواقع ،من أجل التخفيف عن المواطنين الذين فقدوا كل شىء وتركوا منازلهم ونزحوا إما داخل ولاية الخرطوم او للولايات بحثاً عن الأمان.
فقد لاحظنا أن الكثير من المواطنين سعوا للنجاة بحياتهم واتجهوا لمناطق ليس لديهم فيها اقرباء،وهؤلاء تمت استضافتهم فى داخليات أو مدارس ،وبحسب احصائيات منظمات دولية فإن عدد الذين نزحوا بسبب هذه الحرب حتى الآن (٢٠٠٠٠٠) ألف مواطن،وأكدت ذات المنظمات أن العدد مرشح الازدياد وبصورة مضاعفة إن لم توقف الحرب .
والسؤال هنا ماذا قدمت الأمم المتحدة و المنظمات الدولية والإقليمية للمواطنين المتضررين ؟لا شىء،بل الأدهى والأمر أن بعض المنظمات انسحبت من السودان ، وأصبح كل همها هو إجلاء موظفيها والمساعدة في إجلاء البعثات الدبلوماسية و الاجانب، فى الوقت الذى أصبح المواطن فى أمس الحوجة إليها لتقديم العون والوقوف معه كما ظلت تفعل مع اللاجئين والنازحين فى دول شهدت أزمات مماثلة،وهذا حق تكفله كل المواثيق والمعاهدات الدولية،فالسودان عضو فى هذه المنظمات وظل يساهم فى مشاريعها الخيرية والإغاثية فى أزمات كثيرة كان آخرها المشاركة فى إنقاذ منكوبى زلزال تركيا،كما أنه ظل يستضيف اكبر عدد من اللاجئين على مستوى العالم.
هذا هو موقف اغلب المنظمات الدولية والإقليمية وأقل ما يوصف به (الخذلان)،وهنا قد يدور فى ذهن الكثيرين سؤال آخر وهو، أين المنظمات الوطنية التى ظلت تلمع نفسها عبر الوسائط طيلة السنوات الماضية، وتدعى أنها تخدم المواطن وتقف معه ساعة الملمات؟ أين هى والمواطنون يعانون ويلات الحرب والفاقة؟ أين هم والأطفال يتضورون جوعا بعد أن فقد ذووهم مدخراتهم؟لماذا انزوت بل اختفت من المشهد فى حين أن دورها وأهدافها مرتبطة بالكوارث والأزمات؟نعم لقد انكشفت حقيقة الكثير من هذه المنظمات الوطنية، والتى اتضح أن كل همها هو الاسترزاق على حساب معاناة الناس،والظهور بمشاريع (هايفة) الغرض منها التلميع الاعلامى ليس إلا.
اذا كانت هنالك منظمات دولية أوإقليمية أو وطنية جادة فى دعم المتضررين من هذه الحرب،فالباب مفتوح أمامها لتقديم العون،وذلك بالتوجه إلى الولايات التى تستضيف عشرات الآلاف من النازحين فى مبانى عامة،فهم فى أمس الحوجة للمساعدة بتوفير الطعام والدواء والايواء ،علما بأن كل الطرق المؤدية للولايات أصبحت آمنة، كما يمكن إستخدام مطار بورتسودان أو كسلا لإيصال المساعدات لبقية الولايات،علما بأن كل الولايات توجد بها مطارات ،هذا فضلا عن أن بها الكثير من المنظمات الدولية والوطنية ،والتى يجب عليها فتح مكاتبها ومباشرة مهمتها فى حصر المتضررين بكل ولاية وكل محلية وتحديد احتياجاتهم الأولية، وبالنسبة للخرطوم فهنالك أحياء آمنة تأوى آلاف المواطنين الذين خرجوا من بيوتهم ويقيم العديد منهم بالمدارس والمرافق العامة.
اذا كانت هنالك كلمة أخيرة فهى كلمة إشادة بالمواطنين فى القرى والمدن،الذين قدموا يد العون للمتأثرين بالحرب،منذ الأيام الأولى ومازالوا،وهناك من فتح بيته للأسر النازحة دون من أو أذى ،فهكذا يكون التكافل والتعاون الذى جبل عليه السودانيون من قديم الزمان، ونضم صوتنا لصوت كل المنابر التى تحث المواطنين على المساهمة فى التخفيف عن المتضررين.
*نقاط مهمة:
*أى شخص يساوى بين قوات الشعب المسلحة والمتمردين،عليه أن يراجع وطنيته،ولا يمكن أن يفعل ذلك إلا من كانت لديه مصلحة مع المتمردين أو كان من المخربين.
*بعض القنوات الفضائية تصر على التعامل مع المتمردين على أساس أنهم قوات رسمية(بحجةالحيادية)،رغم أنها تعلم انها تمردت على الجيش الوطنى ،ونفس هذه القنوات ظلت تصف الحوثيين بأنهم مليشيات متمردة،رغم أنها استولت على صنعاء وتسيطر على نصف اليمن،وفى حرب قوات حفتر مع قوات المجلس الرئاسى،كان تسمى قوات حفتر بالجيش الوطنى وقوات المجلس بالمليشيات القبليةالمسلحة،وبالمناسبة إحدى القنوات التى يتابعها الكثير من السودانيين داخل وخارج القطر،تسربت معلومات عن أن قائد المتمردين اشترى ربع أسهمها.
*مايزال بعض أتباع العهد المنهار يواصلون كذبهم وادعاءاتهم المكشوفة بأنهم يدعمون قوات الشعب المسلحة بدوافع وطنية،(سبحان الله)،والعجيب هو محاولة جعل المتمردين والحرية والتغيير على صعيد واحد،وينسون أنهم من صنع المتمردين وكبروهم، والعجب العجاب أن هنالك فلول يحاربون الآن مع المتمردين.
*فى الوقت الذى تداعى فيه معظم الشعب السودانى للوقوف مع النازحين ومساعدتهم لتجاوز محنتهم،يسعى بعض الطفيلين للتكسب وراء الأزمة،وذلك ببيع المحروقات (بليل)لتجار الأزمات، وآخرين ظلوا يرفعون أسعار السلع الغذائية يومياً،لا يهمهم أن يجوع إخوانهم وأهلهم،فهم بلا ضمير أو وازع،فعلى السلطات أن يكون لها قرار صارم تجاه المنتفعين عقابهم على جريمتهم الشنعاء،فهم أعداء للمواطن والوطن،وحتما سيتسببون فى كارثة إذا لم تتم مراقبتهم وإيقاف تصاعد الأسعار دون مبرر،ويجب محاسبة أصحاب محطات الوقود الذين أغلقوا محططاتهم منذ أول يوم للحرب،فالكل يعلم أن الكثير من المحطات كانت مليئة بالمحروقات، فأين اختفت؟لا مجال المجاملة فى قوت الناس وضروريات حياتهم فى هذه الظروف الحالكة.
*الوصف الصحيح لما قامت به مليشيا الدعم السريع هو التمرد على الجيش الوطنى، أما وصفهم بالانقلابيين،فهذا لا ينطبق عليهم، لأن الانقلاب دائما ما يكون على سلطة شرعية،والسلطة الموجودة غير شرعية انقلابية انقلبت على الشرعية الثورية فى ال٢٥ من اكتوبر ٢٠٢١م.
*من يقول أن الحرب صنيعة كيزانية،يحتاج إلى إعادة تفكير فى الأمر،صحيح أن الفلول ظلوا يقرعون طبول الحرب منذ فترة،ولكن كل الدلائل والتحشيد والمعسكرات الكثيرة بالعاصمة والتسليح الحديث الذى قام به المتمردون خلال الأشهر والسنوات الماضية، تؤكد أن النية كانت مبينة للانقضاض على السلطة،وقد ظنوا أن ضعف البرهان من ضعف الجيش ،وهم لا يعلمون أن هذا الجيش لا يعترف بالأشخاص ولا بقبيلة كما هو حال المليشيات المتمردة،فهو ينتمى للسودان الوطن الواحد بكل أقاليمه وقبائله .
التعليقات مغلقة.