خالد محمد علي يكتب السودان وفخ الاحتلال
خالد محمد علي
بدأ السودان تحركات واعية لصدّ الهجمة الاستعمارية التي يتعرض لها من خلال خطة دبلوماسية تعمل في الخارج لمواجهة الأزمات، وخطة عسكرية تتحرك في الميدان لتغيير الأوضاع لصالح الجيش السوداني.
وبعد غياب دبلوماسي كبير لوزير الخارجية المكلف علي الصادق، ظهر الرجل وهو يلتقي وزراء خارجية لدولهم أهمية إقليمية فاعلة مثل إيران التي التقى وزير خارجيتها، واتفق الطرفان على إعادة العلاقات الدبلوماسية التي انقطعت منذ سبع سنوات احتجاجًا على اعتداء متظاهرين في طهران على سفارة المملكة العربية السعودية.
وكان من ضمن اللقاءات المهمة ذلك الذي جمعه بوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، حيث تشير المصادر إلى تعاون قريب بين البلدين في مسار دعم الجيش السوداني بطائرات تركية مسيرة تسهم في دعم الجيش لمواجهة المتمردين الذين يحتمون بالمنازل والمستشفيات والمؤسسات العامة والخاصة، مما يجعل مهمة القضاء عليهم مستحيلة باستخدام الطائرات العسكرية المقاتلة، حيث وضعت قوات الدعم السريع المتمردة الجيش السوداني بين خيارين كلاهما يشكل خطرًا كبيرًا على الدولة السودانية، فإما أن تستخدم القوات المسلحة السودانية، ما أطلق عليه الفريق عبد الفتاح البرهان بالأسلحة القاتلة والمميتة، وهي الطائرات العسكرية لدك البيوت والمستشفيات ومؤسسات الدولة على رؤوس المتمردين، وهو ما يعني تدمير الخرطوم بالكامل، أو أن يترك قوات الدعم السريع ويحاول اصطياد أفرادها فردًا فردًا، وهو ما يعني استمرار النزاع لسنوات.
وجاءت تحركات وزير الخارجية السوداني لفك عزلة وحصار نجح في فرضهما المبعوث الدولي فولكر بريتس، الذي تنقل بين دول الاتحاد الإفريقي، ودول الإيجاد، ووضع مبادرة تبنتها الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والإيجاد، وهي تهدف فقط إلى إدخال قوات أجنبية لاحتلال الخرطوم، وعزلها ومحيطها عن بقية البلاد، إضافة إلى نزع سلاح الجيش السوداني وشكل حركته داخل بلاده.
وقد نجح «بريتس»، ومعه سفراء الدول الكبرى، إضافة إلى دعم إقليمي علني في صف هذه الدول خلف المبادرة التي أعلن نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار أنها مبادرة علنية لاحتلال السودان، ورفض البرهان اليوم الإثنين حضور لقاء كان مفترضًا أن يجمعه بقائد المتمردين محمد حمدان دقلو في العاصمة أديس أبابا تحت قيادة هذا التحالف الإفريقي الأوربي الجديد، الذي يسعى إلى تدمير مؤسسات الدولة السودانية، والوقوف خلف المتمردين وقائدهم، والمساواة بين حميدتي والبرهان حتى مع ارتكاب قوات الدعم السريع لكل الجرائم التي نص عليها القانون الدولي، من جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وهو ما نقلته وسائل الإعلام في بث مباشر من دارفور إلى الجنينة، ونيالا، والأبيض في شمال كردفان.
وكان الجيش السوداني بدأ خطته الدبلوماسية بإرسال مبعوث للدولة السودانية يجوب هذه العواصم الإفريقية والعربية، لتوضيح خطة التمرد وأتباعه في تقسيم البلاد، وقد تبعه نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار بزيارة عدد من الدول الإفريقية والعربية، اختتمها بزيارة مهمة لروسيا لتوضيح دور قوات فاجنر في مساندة قوات الدعم السريع وإمدادها بتقنيات عسكرية متقدمة، بل والمشاركة معها في حرب الخرطوم. كما بدأ الجيش السوداني في تغيير نهجه العسكري من خلال تشكيل قوات خاصة تعمل داخل المدن، نجحت طوال الأسبوع الماضي في تحرير أغلب أحياء العاصمة أم درمان، بعد استخدام أسلوب حرب العصابات في مواجهة المتمردين، وكل هذه التحركات العسكرية والسياسية جاءت متوافقة مع تحرك شعبي كبير يساند الجيش، ويعلن تأييده له، ويشن حالة استنفار كبرى ضد المتمردين في البلاد.
وفي مواجهة تحركات مؤسسات الدولة السودانية، تنشط الآن ما يسمى بمجموعات المجتمع المدني التي تطالب بوقف الحرب لإنقاذ الدعم السريع، وبالتدخل العسكري وبتشكيل حكومة منفى خارج البلاد وهو نفس المسار الموازي الذي يدعمه فولكر بريتس للقضاء على مفهوم الدولة السودانية، واختطافها لصالح مجموعات بعينها تدعم التدخل الخارجي.
كاتب مصري
جريدة الاسبوع
التعليقات مغلقة.