إبراهيم عثمان يكتب التاطق الفصيح بين المضمر والصريح
التاطق الفصيح بين المضمر والصريح
إبراهيم عثمان
▪️ قبل تمرد الدعم السريع قال الناطق باسم قحت المركزي م. خالد عمر يوسف : إن من يظنون أن ضابط جيش يمكن أن يخوض حرباً ضد الدعم السريع ويسحقه ثم يسلم السلطة للمدنيين إنما يعيشون في عالم الخيال . . وبعد التمرد غرد قائلاً بأن انتصار “أي طرف” سينتج عنه “ميزان قوى عسكري جديد”، يؤدي لفرض الطرف المنتصر شروطه، وهذا سيهمش دور “القوى المدنية”.
▪️ دافع م. خالد عمر عن وجهة نظره ومصالحه بما اعتقد أنه أقل قدر من التورط فيما لا يستطيع قوله صراحةً، لكنه بهذين القولين أنتج عدة أقوال مضمرة موجودة على السطح لا تحتاج إلى عناء لاستخراجها ..
من هذه المضمرات :
▪️( “القوى المدنية” تعني المجموعة المتحالفة مع الدعم السريع ) .. فالقوى الأخرى لا ترى في الدعم السريع النصير الحقيقي للمدنية، ولا ترى بأن هزيمته تهمشها .
▪️ ( تحركات قحت المركزي تهدف أساساً لحفظ ميزان القوى العسكري ومنع هزيمة الدعم السريع ) .. وهذا القول المضمر مستخرج من حرصه على التفاوض في ظل ميزان القوى العسكري الحالي، ومن قناعته بأن الجيش لن يسلمهم السلطة إذا انتصر.
▪️ ( الدعم السريع كان يلزم الجيش بالمدنية قسراً، فإن هُزِم فالجيش لن يلتزم بها ) .. وهذا يعاكس الحقيقة، فالجيش يرغب في تسليم السلطة إلى أكبر عدد ممكن من القوى المدنية، بينما الدعم السريع كان، ولا زال، يرغب في تسليمها صورياً لحلفائه فقط مع استمرار وجوده في قلب عملية صناعة القرار .
▪️ ( لا توجد مطامع سلطوية للدعم السريع ) .. وهذا المضمر مأخوذ من فكرة أنه إذا حارب فمن أجل المدنية، وإن هُزِم فهذا يعني تهميشها، لا هزيمة مطامعه الخاصة، وهذا يخالف الحقيقة .
▪️ ( خلافات الجيش والدعم السريع مفيدة للقوى المدنية ويمكنها الإستثمار فيها ) .. وهذا القول المضمر مستخرج من تعويله على تحول وظيفة الدعم السريع من تلك التي يحددها اسمه، أي ( دعم الجيش )، إلى تلك التي تحدث عنها صراحةً، أي ( تحقيق التوازن العسكري ).
▪️ ( ليس بالضرورة أن تلتقي مصالح القوى المدنية مع مصالح المواطنين ) .. وهذا المضمر مستخرَج من هزيمة الدعم السريع التي تعني لهذه القوى التهميش بينما تعني للمواطنين إخراج الدعم السريع من منازلهم ومرافقهم الخدمية وإيقاف المزيد من نهبه وتخريبه وكل أشكال حربه عليهم .
▪️ ( تعبير “انتصار أي طرف” لا معنى حقيقي له والمقصود بالرفض هو انتصار الجيش ) .. وهذا مستخرج من قوله إن الجيش إذا سحق الدعم السريع لن يسلم السلطة للمدنيين، وعدم قول ذات الشيء عن الدعم السريع .
▪️ ما لم يصدر عنه قول صريح مخالف، فهو يرى بأن ( ما يساعد في تصعيب هزيمة الدعم السريع يصب في مصلحة هذه القوى المدنية ) … فمن وضع هدفاً استراتيجياً يتمثل في منع انتصار الجيش لا يسهل تصور رفضه لكل أو معظم الوسائل التي تحققه : ( تحقيق الدعم السريع لانتصارات عسكرية، المدد الذي يأتيه من الخارج، إسهام المقاتلين الأجانب في تصعيب هزيمته، نجاح خطته للتدرع بالمدنيين، نجاح خطته في تحويل المنازل والمرافق إلى ثكنات عسكرية، خطفه لعدد كبير من معاشيي الأجهزة النظامية، إسهام الأموال المنهوبة في تمويل عملياته ودفع رواتب جنوده وبالتالي في تصعيب هزيمته، حظر الطيران، التدخل العسكري الأجنبي،.. إلخ ) .
وهكذا يتضح أن غايتهم غير غير المقبولة شعبياً تجبرهم على الاقتصاد في الأقوال وعدم الصراحة، لكن لأنهم لا يستطيعون الحديث عن مصالحهم دون أن يستندوا على عدة مضمرات ذات صلة وثيقة بهذه المصالح، فإن المضمرات لن تؤدي هذه الخدمة دون أن تراوغهم وتكشف عن نفسها أمام الذين لا تحجبهم شجرة الصريح عن رؤية غابة المضمرات .
التعليقات مغلقة.