د. عبد العظيم حسن المحامي يكتب دولة القانون إدانة الدعم السريع
دولة القانون
إدانة الدعم السريع
فقهاء القانون وبالإجماع يرون أن دراسة القواعد الفقهية والمسائل المتفرِّعة عنها تُولِّد ملكة الجمع بين أطراف الأدلة وتسهيل الوصول للموقف السياسي السليم أو تقديم الإجابة القانونية الصحيحة. فأعظم قاعدة فقهية المبدأ المعروف بالضّرر الأشد يُزال بالأخف، وإذا تعارض ضرران فإنّه يُنظر لأعظمهما وأشدّهما، فإذا تبيّن دفعناه بارتكاب الضرر الأخفّ دون إسقاط لحق المضرور في التعويض.
أوردت هذه الدراسة المفتاحية بحثاً عن تعليق منسوب للمهندس خالد عمر يوسف (خالد سلك) وتمسكه بمساواة المتحاربين مصنفاً إياهما بالمنتهكين. السؤال الذي يطرح نفسه: هل يجوز مساواة ما اقترفت قوات الدعم السريع وما ثبت ضدها من توثيق وإدانات من المواطنين والمنظمات الإقليمية والدولية بالقتل والضرب والاعتقال والنهب والاغتصاب والاحتلال للأعيان المدنية بغية اتخاذها دروعاً، وبين ما هو منسوب للقوات المسلحة السودانية التي تواتر عن تحركاتها الانطلاق من ثكناتها العسكرية تجاه قوات الدعم السريع؟ فقانوناً لا يجوز أن نساوي بين الضررين ولا محاكمة من يرتكب ضرر أصغر لمواجهة ضرر أكبر أو نحوه من الأفعال المحظورة قانوناً. فالقاعدة المقررة أنه لا يجوز لمن صنع الظرف الاستثنائي أن يستفيد من ادعاء الدفاع الشرعي أو الضرورة أو الاستفزاز لكونه الذي يجب أن يسأل ووحده عن كل ما يترتب من نتائج لا يجوز مقارنتها بالجرم الأكبر.
ففي حرب السودان الدعم السريع ومن صنعوه أو حرضوه هم وراء هذه الحرب وتمددها. فمهما كانت دواعي الدعم السريع، لا يجوز له أن تستتر هذه الفظاعات تحت غطاء تخليص الوطن من الكيزان وفلول النظام البائد تحت شعار الديمقراطية. بالطبع، الديمقراطية لا تأتي بهذه الطريقة. بل لا يجوز لمثل هولاء أن يتشدقوا بالدعوة لها وإنما الواجب أن نتبرأ مما فعلوا ونطالبهم بوقف عدوانهم الغاشم. بذات القدر لا يجوز أن ندين أو حتى نساوي بين ما فعلوه وما يتصدى له، ولو البعض من القوات المسلحة، بغض النظر عن قيادتها، طالما كانت تسعى لوقف العدوان. الموقف السياسي الراشد والقاعدة القانونية السليمة تتطلبان الإدانة الصريحة لمرتكب الخطر الأكبر وهم قوات الدعم السريع ومطالبتهم بوقف الحرب. بنظري المتواضع، وحتى لا نعطي فلول النظام البائد شرف دحر الجنجويد فلا سبيل غير مواجهة وإدانة الدعم السريع، وإلا فلن تتوقف الحرب.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
11 أغسطس 2023
التعليقات مغلقة.