الايام نيوز
الايام نيوز

عثمان جلال يكتب/قيادات قحت والهروب من الأسئلة الاستراتيجية

عثمان جلال يكتب/

قيادات قحت والهروب من الأسئلة الاستراتيجية

(١).
لماذا تطرح قيادات قحت المجلس المركزي الاسئلة المفخخة من شاكلة من أطلق الطلقة الاولى؟؟ومن هو الطرف الثالث الذي اشعل الحرب بين مليشيا الدعم السريع والجيش؟؟
بينما تهرب من الاسئلة الثورية والاستراتيجية وجوهرها لماذا غضت قيادات قحت الطرف عن ادخال حميدتي ضمن الطاقم القيادي للمكون العسكري بعد الثورة، وهي تدرك أن قواته تشكل اكبر تشوه في جدار مؤسسات الدولة السودانية؟؟ ولماذا صمتت عن صعوده نائبا لرئيس مجلس السيادة رغم عدم وجود هذا المسمى الوظيفي في الوثيقة الدستورية ؟؟
ولماذا ارتضت التفاوض والتوقيع معه على الاعلان السياسي ثم اتفاق تشكيل الحكومة الانتقالية في اغسطس ٢٠١٩؟؟ ولماذا لم تنظم اجتماعا مشتركا بين مجلسي السيادة والوزراء لمراجعة قانون قوات الدعم السريع للعام ٢٠١٧ واعادة المادة الخامسة المكرسة لتبعيته الفنية لرئيس هيئة الاركان، وتبعيته السياسية للقائد الاعلى للجيش؟
قد ترد قيادات قحت ان هذا من اختصاص المكون العسكري ولكن هل سجلت اعتراضا ضد اختراق المليشيا لمؤسسات الفترة الانتقالية؟ وهي تدرك أن نجاح المراحل الانتقالية يقتضي التمثيل الرمزي للمؤسسة العسكرية الام دعك من مليشيا عشائرية كان يجب حلها بقرارات ثورية قبل مغادرة الثوار لميادين الثورة .
(٢).
ان قيادات قحت شحنت الثوار بالشعارات الشعبوية من شاكلة حميدتي الضكران الخوف الكيزان!! وعندما فض حميدتي اعتصام القيادة وقبل ان تجف دماء الشهداء عادت قيادات قحت لمعانقة حميدتي في شراكة الدم من جديد بل وسلمته ملفات السلام والاقتصاد، حيث قدم رؤيته للحل أمام اساطين علماء قحت الاقتصاديين ، نحن ياجماعة هدفنا ما عندنا هدف!! والدولار دا يا صرعنا ياصرعناه!! وضجت القاعة بالتصفيق ، ثم أثمرت هذه الخطة بتجفيف ال دقلو للدولار من الاسواق، ونهب ثروات الاجيال القادمة من الموارد الطبيعية وتشييد امبراطورية عسكرية ومالية وشبكة علاقات داخلية وخارجية شكلت حالة دولة داخل الدولة الأم وتشوها هو الاخطر في تاريخ الدولة السودانية .
ولكن عندها تحول صمت قيادات قحت الى شراكات تجارية واستثمارية فردية وحزبية مع شركات آل دقلو.
(٣).
ثم عززت قيادات قحت الشراكة التجارية مع آل دقلو بشراكة الاتفاق الاطاريء السياسية والتي منحت المليشيا الاستقلالية التنظيمية عن الجيش والمشروعية القانونية لتنامي غول انشطتها الاقتصادية والتجارية تعظيما للمصالح الاستثمارية المشتركة، بينما حظر الاتفاق الجيش السوداني عن ممارسة اي نشاط تجاري.
ثم وصفت قيادات قحت الدعم السريع بأنه يشكل النواة الصلبة للجيش السوداني القومي. واقترحت تأجيل عملية دمجه في الجيش لمدة عشر سنوات وطبعا عندها فان منطق توازن القوة سيفرض دمج الجيش السوداني الاعرق في افريقيا في مليشيا آل دقلو وسيتحول الى مسمى الجيش الملكي السوداني.
ليت قيادات قحت بعد التوقيع على الاتفاق الاطاريء رفعوا شعار إما الاطاريء أو الثورة الشعبية التصحيحية ، وعبر هذا الخيار الاستراتيجي الصبور استعادوا الثقة مع الثوار والمجتمع والقوى السياسية واعادوا لثورة ديسمبر وقدتها وشرفها. وليت قيادات قحت اقنعوا حميدتي بدمج قواته في الجيش وخلع البزة العسكرية والتحول الى قائد سياسي مدني، ولكن هناك فرق بين التفكير والسلوك القيادي، وعقلية الناشطين.
لقد خنست قيادات قحت من الشعب والثوار بعد ان كشفوا تدليسهم وجردوهم من الشرف الثوري بالصفعات واللعنات
وعندها رفعوا شعار الحرب ضد الجيش ، وضد الثوار ،وضد الشعب السوداني بالتحالف مع بندقية آل دقلو ودويلة الامارات لتتويج الشراكة التجارية والاستثمارية باختطاف كل الدولة السودانية طعمة يتقاسمون ريعها.
(٤).
يقول المثل من جرب المجرب حاقت به الندامة فقد جرب حزب الامة الاستقواء بالمؤسسة العسكرية وسلم السلطة للمشير عبود عام ١٩٥٨ وفق اتفاق يقضي باعادتها له فماذا كانت النتيجة؟؟ ثم جرب الحزب الشيوعي الاستقواء بالجيش في مايو عام ١٩٦٩م وفق خطة تقضي بأيلولة كل السلطة لطبقة البروليتاريا فماذا كانت النتيجة ؟
ثم جربت الحركة الاسلامية عبر التنظيم العسكري الاسلامي المحض استلام كل السلطة فماذا كانت النتيجة ؟؟ الكنكشة الفردية المطلقة في السلطة حد النزع بثورات شعبية انحاز لها الجيش في مواقف تنم عن الشرف الوطني والاستقامة المهنية والاخلاقية لهذه المؤسسة القومية.
ان اعادة التاريخ مرة مهزلة واعادته اكثر من مرة مسخرة بتعبير ماركس، فهل كانت تتوقع قيادات قحت ان التحالف مع دويلة الامارات ،ومليشيا قبلية تهيمن عليها اسرة تملك المال والرجال والسلاح وشبكة من علاقات المصالح الداخلية والاقليمية والدولية سينتج إثمارا ديمقراطيا يسر الناظرين؟؟
وهل كانت تتوقع هذه القيادات في حال اختطاف آل دقلو الحكم في السوان وخروج الشعب في هبات ثورية ستنحاز المليشيا العشائرية للشعب وتخلع الملك حميدتي ، او ابنه ؟ او ان يقظة ضمير حفيده ولو كان في مقام الخليفة الراشد عمر ابن عبد العزيز ستعيد الشرعية الديمقراطية وقوامة المجتمع في الحكم؟؟
(٥).
ان تصفية مليشيا آل دقلو من الجذور هو الهدف الاستراتيجي لمنع تدحرج السودان في أتون التفكك والتشظي الهوياتي ولحماية المشروع الوطني الديمقراطي من الاختطاف ولصيانةالسلم الاقليمي والدولي.
وتبقى الاجابة البدهية لسؤال من اطلق الطلقة الاولى ؟ وليت الطلقة الاولى والمميتة كانت من الجيش السوداني ولكن بالطبع كانت من عصابة ال دقلو طمعا في الملك السرمدي، وبداهة فان سيادة الملك الجبري والقهري لن تتحقق إلا بالدم والقتل والسحل والاغتصاب وهذا ما تقوم به العصابة الدقلوية حاليا وبالغطاء السياسي من قيادات قحت شركائها في هذا المشروع التجاري والاستثماري والسياسي.
لذلك فإن الشيء الطبيعي ان تكون الطلقة الثانية والثالثة والحاسمة بيد الجيش والشعب السوداني لابطال مخطط الملك الوراثي السلالي.
بالمقابل ايضا الشيء الطبيعي ان تحاول قيادات قحت اضعاف وتفتيت الجيش عبر السؤال المفخخ من أطلق الطلقة الاولى ؟ثم تشتيت الكرة بالاجابة الخبيثة والماكرة.
ايضا الشيء الطبيعي في هذه المعركة الوجودية والمصيرية ان يكون الطرف الاول والثاني والثالث والاخير هو تلاحم واصطفاف كل الشعب السوداني دون تحيزات ايديولوجية او قبلية مع الجيش الوطني.
بالمقابل ايضا الشيء الطبيعي ان تسعى قيادات قحت لفض حالة التلاحم والاستنفار المجتمعي مع الجيش عبر الاستدراك الخبيث والمخاتل بأن هناك طرف ثالث اشعل الحرب بين الجيش ومليشيا آل دقلو الارهابية.
(٦).
تحاول قيادات قحت الدفع بهذه الاسئلة المفخخة ثم ترسل الاجابات الماكرة لتحقيق هدفها المحوري وهو إلحاق الهزيمة المعنوية والاستراتيجية بالجيش السوداني.
لكن هيهات هيهات ان تلاحم ارادة الجيش والشعب السوداني في معركة الكرامة ستصنع الانتصار على عصابة آل دقلو الارهابية في الميدان.وان ارادة ووعي المجتمع ستصنع الانتصار الفكري والسياسي باستعادة الثورة المختطفة من قيادات قحت المجلس المركزي البرجوازية. وإن إرادة ووعي المجتمع ستصنع الانتقال السياسي السلس وصولا الى الانتخابات. وإن إرادة ووعي المجتمع ستبقى هي المرجعية في صناعة التحول الديمقراطي المستدام.
وسيبقى الجيش السوداني المهني والقومي والموحد والمتطور دوما صمام الامان للنظام الديمقراطي ،ولصيانة الدستور والهوية الوطنية. ولحماية الثغور والحدود.

السبت ٩ سبتمبر/ ٢٠٢٣

التعليقات مغلقة.