عثمان جلال يكتب/
البرهان اعتدل او اعتزل
(١).
عقب احتواء تحرك مجموعة اللواء بكراوي تحدث الفريق البرهان من داخل سلاح المدرعات عن تدهور الاوضاع داخل مؤسسة الجيش، من تدني المرتبات، الى تقادم الالات والمعدات وعدم اضافة دبابة ولا عربات مدرعة ولا طلقة ولا قطع غيار منذ انتفاضة الشؤم عام ٢٠١٩، بينما في ذات الفترة شهدت الطفرة البنيوية لمليشيا آل دقلو فتمت ترقية حميدتي الى رتبة الفريق وتصعيده نائبا لرئيس المكون العسكري ورئيس مجلس السيادة رغم عدم وجود هذا المسمى الوظيفي في متن الوثيقة الدستورية ، وتم إلغاء المادة الخامسة من قانون الدعم السريع لعام ٢٠١٧ وفك الارتباط فنيا بينه وبين الجيش ثم بدأت المليشيا في التضخم على مستوى التسليح النوعي والآليات والعتاد واللوجستيات والتجنيد الكثيف المحلي والعابر للحدود الوطنية حتى بلغت قاعدة المليشيا العضوية ١٢٠ الف جندي ، أدوا قسم الولاء والطاعة للهالك حميدتي واسرته.
(٢).
وقد تزامن مع تورم المليشيا عسكريا بنائها لامبراطورية اقتصادية وشبكة علاقات تجارية واستثمارية محلية واقليمية ودولية ، وتبع ذلك اختطاف حميدتي لعلاقات السودان الاقليمية والدولية وتجييرها لصالح نزوعاته الشخصية والاسرية في حكم السودان
رغم ان العلاقات الخارجية تقع ضمن اختصاصات رئيس مجلس السيادة ، ثم كانت النتيجة الحتمية اختطاف حميدتي لكيان الدولة السودانية وتبدى ذلك في عدم تسجيل اي دولة او منظمة اقليمية او دولية ادانة لانتهاكات وفظائع المليشيا ضد مؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة وضد التطهير العرقي في الجنينية والاغتصابات الموثقة بل ولا يزال المجتمع الدولي يساوي بين الجيش الوطني ومرتزقة آل دقلو في هذه الحرب.
(٣).
لقد تضخمت مرتزقة ال دقلو عسكريا وسياسيا واقتصاديا حتى غدت دولة داخل الدولة ثم نزعت لاختطاف الدولة كلها واختزالها في مملكة الجنيد يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٣ لولا بسالة الحرس الرئاسي خلال الساعات الاولى كل هذه الكوارث الدقلوية صنعت تحت سمع وبصر الفريق البرهان وهيئة قيادته الموقرة وقد أكدت هذه الملهاة ان الفريق خلاء حميدتي طبق وقع الحافر على الحافر نظرية الخداع الاستراتيجي في الجيش والدولة السودانية ، بينما اخفق البرهان الحائز على الدراسات العليا في ذات النظرية في التعاطي الاستراتيجي الوقائي مع المليشيا (انذار مبكر) وذلك بتطبيق سياسة الحل والتسريح والدمج لها عقب الاطاحة بالرئيس البشير في ١١ ابريل ٢٠١٩، واخفق ايضا استراتيجيا في حسم تمرد المليشيا عسكريا وذلك بتكتيك الضربة القاضية الاولى ، والمؤسف ان البرهان انتظر حتى اقتحمت عليه المليشيا بيته ، والانكى توجيه البرهان بتشكيل لجنة حول احداث المدينة الرياضية قبل ان يفاجأه الهالك حميدتي في القنوات الفضائية بأنه المطلوب الاول للانقلاب حيا او ميتا.
(٤)
انقضت سبعة شهور من حرب السودان الوجودية وأبناء الجيش السوداني في كل الثغور والمواقع العسكرية يسطرون اروع القصص في البسالة والصمود والتضحية .
مضت سبعة شهور والشعب السوداني يتداعى مع الجيش في خندق المعركة باذلا النفس والمال والدعاء والدماء.
مضت سبعة شهور وقد عم الخراب والدمار واستباح علوج آل دقلو المدن والقرى والاحياء والأعراض، بينما لا يزال البرهان يتلكأ في اعلان التعبئة العامة واستنهاض وتجييش وتسليح كل الشعب السوداني!! ولا يزال البرهان يتلكأ في عزل اعضاء مجلس السيادة والوزراء والولاة والمدراء الموالين للتمرد، وتكوين حاضنة من القوى السياسية والاهلية والمجتمعية مساندة للجيش.
انقضت سبعة شهور والمليشيا وجناحها السياسي المدني قحت المجلس المركزي وحلفاؤهم الاقليميين والدوليين يرمون السودان بقوس واحد بينما البرهان يتردد في امضاء حلف وشراكة استراتيجية مع مصر وقطر وايران وتركيا والصين مضت سبعة شهور والبرهان يتلكأ في تشكيل حكومة حرب من القيادات السياسية المدنية والعسكرية على المستوى المركزي والولائي والمحلي وذلك لاستنهاض وتعبئة الشعب السوداني للدفاع عن بقاء واستمرار الدولة السودانية في الخارطة الدولية.
مضت سبعة شهور ولا تزال دويلة الشر الامارات تزود المليشيا جهارا بالسلاح والعتاد واللوجستيات وتحت سمع وبصر كل العالم ولكن البرهان وحده يمارس حالة الانكار !!!
(٥).
ان المعارك الوجودية في التاريخ يخوضها بوعي الجيش وكل المجتمع ، وتتقدمهم قيادة ملهمة تهوي إليها افئدة المجتمع بكل تنوعه وتناقضه،وفي معركة السودان المصيرية تلاقت ارادة الجيش مع ارادة الشعب ولكن اختل اهم عنصر في صناعة النصر وهو القيادة الفذة في لحظة التحدي التاريخي وقديما ادرك احد فرسان الثورة المهدية هذه الحقيقة عندما تلاشت الانتصارات مع موت القائد الفذ محمد احمد المهدي الذي صنع الثورة والقادة العظام ووحد الامة . ثم توالت النكبات والهزائم وتشظي الامة هوياتيا بعد ان اختزل التعايشي الثورة والدولة في عشيرته واسرته ونكل بالقادة الكبار قتلا ونفيا وسجنا، وعندها قال هذا الفارس في تجلد وثبات للتعايشي المهدية مهديتكم وقدنا بنسدو إلا نصر ما في.
(٦)
ياسعادة الفريق البرهان ارتقي الى مقام التفكير والوعي القيادي في هذه المعركة المصيرية التي تتساوى فيها حالة سقوط الدولة الدولة السودانية في فخاخ الفوضى والتفكك , وحالة نهوضها ووحدتها وتماسك مجتمعاتها.
ياسعادة الفريق البرهان تذكر انك قائد دولة عمقها الحضاري ممتد لسبعة آلاف عام، وفي طليعة جيش عظيم عمره قرابة المائة عام ومن اعرق الجيوش في المنطقة العربية والافريقية.
ياسعادة الفريق البرهان اعتدل فالاصابع المرتجفة لا تصنع التاريخ وتذكر ان ملهمات النصر في هذه المعركة الوجودية ليست في ارضاء امريكا واوربا بل في صيانة ميراث عزة وسيادة وشرف السودان الباذخ، وتذكر ان عناصر النصر في هذه المعركة المصيرية تتمثل في تلاحم ارادة الشعب والجيش بالتالي فان واجبك الوطني والمهني والاخلاقي يحتم عليك ادارة هذه العناصر بعزة وبسالة وسلوك قيادي . وإلا وإن بعدت عليك الشقة فاعتزل وافسح الكابينة لقائد آخر فرحم الجيش السوداني ودود وولود.
الاثنين ٣٠ اكتوبر ٢٠٢٣
التعليقات مغلقة.