في يوم المرأة العالمي اعيد نشر هذا المقال فالتحيات الزاكيات للمرأة في يوم عيدها وللمراة السودانية وهي تقتحم شتى حقول العلم والمعرفة والحياة من تميز إلى تميز وإبداع وابتكار
الخرطوم : الايام نيوز
عثمان جلال يكتب /كنداكات السودان في تقدم دواما الله يا خلاسية يا حانة مفروشة
بالرمليا مكحولة العينينيا مجدولة من شعر اغنيةيا وردة باللون مسقيةبعض الرحيق انا
والبرتقالة انتيا بعض زنجيةوبعض عربيةوبعض أقوالي أمام الله (محمد المكي إبراهيم)
(1) احزنني التعاطي السالب لبعض الإسلاميين مع تكليف (اثنتين) من كنداكات السودان
الماجدات منصب والي الولاية، وهذه محض هوجة ثورية افرزتها حالة الاستقطاب
السياسي الحاد الماثلة، وتناقض مع الاستقامة الفكرية التي تقتضي دفع القيم الموجبة للثورة،
ومعالجة الأخطاء بوعي خلاق هدفه اجتماع كل القوى السياسية والمجتمعية السودانية في
كتلة تاريخية حرجة، وفي لحظة وطنية تتساوى فيها حالة إنقاذ السودان من وهدته، وارتكاسه
في جب الفوضى والانهيار والتفكك، وويل لمن لا يخلع رداء الذات والانتماء السياسي والاثني
والإقليمي ويتزيا بثوب الوحدة الوطنية في أبهى حلته لإنجاز مهام الثورة والوحدة
والبناء الوطني،وأحزنني أكثر لأن الحركة الإسلامية حسمت قضية دور المرأة المركزي في
صناعة مشروع النهضة السودانية منذ أكثر من أربعين عاما في مقاربة الشيخ الترابي الفكرية
(المرأة بين الأصول والتقاليد)، حيث استدعى زعيم الإسلاميين بحسه الفكري والتاريخي الوقاد
أدوار المرأة منذ بدايات الإنسانية، حيث ترى بعض الروايات أن المرأة اول كائن في الوجود
ومنها خلق زوجها، وهي التي تعلقت بقيم الربانية ونبذت قصر فرعون (اسيا بنت مزاحم)،
وهي التي استمازت بالحكمة والحنكة والالهام القيادي (بلقيس ملكة سبأ) (وما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون)،
ومن هنا حدث التمايز العميق بين مفهوم الشورى الكلي، ومفهوم الديمقراطية الجزئي،
والمرأة اول من آمنت بالرسالة المحمدية السيدة خديجة وبيتها أكثر بقعة توالت فيه تنزلات
الوحي والقرآن، والمرأة اول شهيدة في الإسلام، وشاركت في الهجرة الأولى والثانية للحبشة،
والمرأة حازت على لقب نصف العلم (خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء)،
والمرأة اجارت (أجرنا من أجرت ياام ايمن) والصحابية أم ورقة أمت أهل بيتها رجالا
ونساء في الصلاة، والمرأة حوصرت مع الرجال في شعاب بني المطلب، وقاتلت جنبا إلى
جنب مع الرجال، بل استنار النبي (ص) برأيها في يوم الحديبية وانقذت العصبة المسلمة الاولى من غاشية الفتنة.
(2) وقد تنزل هذا الوعي الحركي نسبيا في حقبة نظام الإنقاذ فخرجت المرأة السودانية فكانت
هي الأكثر عددا وتميزا في التعليم الأساسي والثانوي والجامعي وفوق الجامعي، وارتادت بتميز
علمي ومهني كل الوظائف حتى بلغت درجة قاضي المحكمة العليا، ودرجة الفريق في المؤسسة
العسكرية، وبلغت نسبة تمثيل المرأة السودانية في السلطة التنفيذية والتشريعية حوالي 30% وتسنمت المراة الخلاسية اقنس لوكودو قيادة الولاية قبلا.
(3) هذا التميز والإبداع امتداد لمجاهدات ونضالات الكنداكة السودانية منذ الملكة الكوشية اماني ريناس،
والفارسة مهيرة بت عبود، والعالمة الفذة فاطنة بت جابر نظيرة اشقاءها في العلم وهي أول
من اوقدت تقابة القران ونار العلم للمرأة السودانية في (قوز العلم) في مملكة الأبواب القديمة
كما ذكر بابكر بدري في كتاب حياتي، وقد بلغت الكنداكة السودانية في عصر الفونح منزلة رفيعة
حيث كان ود ضيف يذكر في طبقاته نسب الفقيه والعالم من جهة ابيه وأمه، فلا غرو فإن
بنات الشيخ حمد ابودنانة تحدر منهن خمسة من العلماء الافذاذ في طليعتهم
(إدريس ود الأرباب، والشيخ الهميم، والاغبش، وسوار الدهب، عمر بلال)،
والشيخ عجيب المانجلك الذي تحدرت منه الملكة ستنا التي حكمت شندي كما ذكر الرحالة بروس،
وبوركهارت، ومن هؤلاء الافذاذ أيضا تحدرت الفارسة بكرة بت مكابر،وفي دارفور البعيدة أثمر
زواج القائد الإسلامي القادم من غرناطة أحمد سفيان الملقب بالمعقور من الأميرة كيرة،
السلطان سليمان صولونج الذي نادى بإنهاء الوثنية وأسلمة مملكة دارفور كما أورد
الدكتور الفذ عبد المجيد عابدين في كتابه دراسات في تاريخ السودان، وفي حقبة
الثورة المهدية برزت المجاهدة رابحة الكنانية التي قطعت المسافات الطويلة لإدراك
الإمام المهدي في قدير لاخباره بحملة الشلالي باشا والتي أبادها جيش الأنصار ومهد
هذا النصر الطريق لإسقاط مدينة الأبيض عاصمة مديرية كردفان، ونساء مدينة القطينة
(شممن الدم وقلن حرم وتأبطن السيف وقتلن ساتي وقنبور في معركة غابة النور بوبا)
وصنعن زاد المجاهد لجيش المهدية في أول احياء لهذه السنة كما ذكر البروف ابوسليم
في محرراته، وقد اتصل دور الكنداكة السودانية في فترة الحركة الوطنية فكان صالون
نور الشقائق ملاذا لقادة جمعية الاتحاد السودانية، واستمر عطاء الكنداكة السودانية
الباذخ دفاعا ودفاقا في مرحلة ما بعد الاستقلال وشاركت بفاعلية في حركة الاحياء
الثقافي والسياسي، والنضالي في ثورات 1964، 1985،وكانت الكنداكة السودانية
الأكثر أبداعا وإلهاما في ثورة ديسمبر 2018.(4)
ان اختيار اثنتين من كنداكات السودان الماجدات لقيادة ولايتي نهر النيل والشمالية دلالة على
عمق وتجذر الوعي والاستنارة في ما يعرف بمنطقة الوسط النيلي والشمالي والتي استمازت
بالتفوق الحضاري والثقافي، ونشد من ازر وعضد كنداكات السودان حتى يبلغن ذرى المجد
والتميز، ما بلغته المراة الحديدية تاتشر، وبنازير بوتو، والسيدة حسينة.وإذا غامرت في شرف
مروم فلا تقنع بما دون النجوم
التعليقات مغلقة.