مراجعات(٢) دكتور عصام حامد دكين. *
الخرطوم :الايام نيوز
مراجعات(٢) دكتور عصام حامد دكين. *
اندلعت شرارة التغيير بسبب التفاعلات الداخلية والتاثيرات الخارجية ادت إلى ازدياد ازمه نظام الإنقاذ وذلك لعدة اسباب١
1/ اختفاء القيادة التاريخيه مثل دكتور نافع على نافع، وعلى عثمان محمد طه،ودكتور عوض الجاز،دكتور مجزوب الخليفه……الخ التى تمتعت بقدر كبير من المهابه والخوف منها بالابتعاد او الوفاة وتراجع نفوذها بسبب كبر السن والشيخوخه.
٢/ ظهور انقسامات فى قيادة الإنقاذ مما أدى لضعف الأداء فى حزب المؤتمر الوطنى المسيطر وفقدات قيادات الإنقاذ للوحده وتشجيع العناصر المعارضة على تحديها .
٣/ التدهور الاقتصادى له دور كبير الاطاحه بالانجازات التى حققتها الإنقاذ خلال تسعه وعشرين عاما ٤/وكذلك تبلور أشكال جديده للمعارضه تجمع المهنيين ،وتحالف القوى السياسيه قوى اعلان الحريه والتغيير واذدياد ثقة الرأى العام بخطابها السياسى وقدرتها على التعبئه الاجتماعية وتحدى النظام.
4/ استمرار القوات النظاميه فى العنف ضد المتظاهرين.
* بالعودة إلى التاريخ لقد شهدت حقبه الخمسينات والستينات من القرن الماضى غلبه الاهتمام بقضايا التحديث والتنميه واتباع النظم العلمانيه فى الحكم والديمقراطيه والرغبه فى الاسراع بعمليه التغيير الاقتصادى والاجتماعى فى الدول الناميه ولكن حدث فى السودان فى تلك الفترة انقلابات عسكريه بتشجيع ومسانده من الاحزاب السياسيه حيث قام حزب الامه بانقلاب عبود ١٩٥٨م ،والحزب الشيوعى بانقلاب نميري ١٩٦٩م فهى انقلابات على انظمه ديمقراطية فى السودان عطلت النمو الديمقراطى وساد الاعتقاد بأن نظم الحكم العسكريه التى تقوم على الحزب الواحد او الحكم العسكرى هى الاكثر قدرة على تحقيق مهمات التحديث والتنمية وبناء الدوله الحديثه دوله المواطنه فكان التايد لها من الشعب السودانى ايدناك ياعبود، وابوكم مين نميري ،مرحب مرحب برئاسة الجمهوريه قلناه نعم لرئاسة الجمهورية مقابل ذلك التجاوز مؤقتا عن الطبيعه غير الديمقراطية بهذه النظم .
غير ان هذه التوقعات سرعان ما خبت فى ضوء قصور النظم العسكريه عن تحقيق العدالة الاجتماعية بشكل مستدام اضافه إلى قصورها الاصلى فى مجال الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
* ثم انهارت تلك النظم العسكريه فى السودان بثورات شعبيه عارمه فى أكتوبر ١٩٦٤م وابريل ١٩٨٥م فإن انهيارها وسقوطها اثراه مباشرة فى شكل عملية الانتقال الى الديمقراطية ودوله المواطنه اى السودان الموحد لكن قبلها اعلن جعفر نميرى الشريعه الاسلاميه فى السودان متجاهلا التعدد والتنوع الثقافى والدينى دون استفتاء من الشعب السودانى على تطبيق الشريعه الاسلاميه مما ادى لاشتعال الحرب فى جنوب السودان رفضا لدوله الشريعه الاسلاميه ومسارها
* ثم جاء انقلاب يونيو ١٩٨٩م بمساندة الجبهه الاسلاميه القوميه وهى الحزب الثالث فى البرلمان باثنين وخمسون مقعد اهلت الجبهه الاسلاميه لدخول فى تحالفات لتشكيل الحكومه ومستقبل الجبهه الاسلاميه فى الانتخابات القادمه كان ذاهر وواضح لكنها فضلت الوصول للسلطه عبر الانقلاب يونيو ١٩٨٩م.
* بصفه عامه تأثرت عمليه سقوط نظام الإنقاذ بالتفاعلات الداخليه والتاثيرات الخارجية.
١/ التفاعلات الداخلية:.مرتبطه بشكل نظام الإنقاذ والقوى السياسيه الداعيه للتغيير واعنى بشكل نظام الإنقاذ مصادر التأييد الاجتماعي له ونمط إدارة النخبه الحاكمه للسلطة واشكال التنافس والصراع بداخلها وعلاقتها مع النخب المعارضة وايضا بتاثير بمدى تماسك النخبه الانقاذيه الحاكمه بينما تتسم نظم الحكم الفرد بالضعف والهشاشه مما يؤدي لسرعه الانهيار.
* تمتلك النظم التى تستند إلى قاعده اثنيه او قبليه قدره اكبر على المقاومه دفاعا عن استمرارها كما حدث فى ليبيا وسوريا.
* حدث تصدع كبير فى نظام الإنقاذ فى صفوف النخبه الحاكمه وظهور عناصر اصلاحيه كتبت وثيقه الإصلاح فى الحزب والحكومه والحركه الاسلاميه عام ٢٠١٣م بل نادت بعض العناصر بأن لا يترشح المشير عمر البشير فى انتخابات ٢٠١٥م وتكرر أيضا النداء بأن لا يترشح المشير فى انتخابات ٢٠٢٠م
لكنه رفض ذلك فى الإعلان المتوقع مساء ١٩ فبراير ٢٠١٩م مما أدى لفتح قنوات اتصال بين بعض منسوبي المؤتمر الوطنى الغاضبين من البشير فى تلك الليله وبين القوى المعارضة مع الاجهزه الامنيه التى سهلت لهم الوصول إلى ميدان الاعتصام أمام القيادة العامه للقوات المسلحة حتى أعلن وزير الدفاع ونائب الرئيس فى ١١ أبريل ٢٠١٩م عن اقتلاع راس النظام المشير عمر البشير ووضعه فى مكان آمن من قبل لجنته الامنيه بادعائها انها انحازت للشعب السوداني ثم بدأنا نسمع حديثا بطوليا من العسكرين كل يدعى انه قام باعتقال قائده فكانت اكبر صدمه للشعب السوداني ان الذى يتباهى باعتقال قائده كأنه مجرم وهو فى المحراب يصلى الفجر ليس اميننا على الثورة فكانت اكبر خدعه فى تاريخ الثورات .
*كان نظام الإنقاذ قبل نهايات التسعينيات كنظام يستند إلى مرجعيه دينيه الحركه الاسلاميه مدعومه بشرعيه تقليديه غير منتخبه والتى استطاعت ان تدافع عنه وقدمت أبنائها شهداء فى ذلك ثم احتوى ابنائهم المعارضين لنظام الإنقاذ واحتواء دعوات التغيير من فترات إلى آخرى بالمزايا الماليه والاقتصادية والوظائف مما جعل النظام متكفيا وانتصر نظام الإنقاذ على المقاومه العسكريه والسياسيه لفترة أطول لكنه انهار وسقط عندما تصدعت نخبه.
* اما على مستوى نوعيه التنظيمات الداعيه إلى التغيير والتى تفاوضت مع نظام الإنقاذ طيله مسيرته حتى اعلان الرئيس البشير عن حوار الوثبه فى ٢٧ يناير ٢٠١٤م وهنالك تنظيمات قادت الاحتجاجات الشعبيه ضده وهى تنظيمات يساريه علمانيه ضد المنهج الكلى لنظام الإنقاذ ومرتبطه بحركات مسلحه فى الأطراف وهى تنظيمات ذات طابع سياسى ايديولوجى واثنى دينى وفئوى طبقى تحالفت فى مجموعات عريضه مثل نداء السودان، الجبهه الثوريه، نداء باريس…الخ.
يجمعها هدف واحد هو إسقاط نظام الإنقاذ وفى نفس الوقت كانت تتعامل مع نظام الإنقاذ وتتفاوض معه فى أديس أبابا تحت مظلة الاتحاد الافريقي برعايه الرئيس الأسبق لدولة جنوب أفريقيا ثامبو امبيكى وهنا فى الخرطوم مظاهرات مشتعله وعنف فى الأطراف ودرجه التعبئه كانت كبيره ومستمره عبر تحالف يجمع قوى سياسية وحركات مسلحه وتجمعات مهنيه وجمعيات حقوقيه دفاعيه واستمر الشد والجذب حتى استفحل وضع الازمه السودانيه ونضجت الظروف والملابسات التى ادت إلى انهيار نظام الإنقاذ فى ١١ أبريل ٢٠١٩م دون مقاومه من اتباعه فى الحركه الاسلاميه والمؤتمر الوطنى وفشل نظام الإنقاذ فى مواجهه الوضع القائم ولم يعد من الممكن استمراره.*
انخراط الاحزاب السياسيه فى تحالف قوى الحريه والتغيير لمواجهه نظام الإنقاذ هو الذى فرض التغيير السياسى على اللجنه الامنيه لنظام الإنقاذ مما أدى لتبلور الشعور بحاله الازمه التى ارتبطت بثلاثه عناصر.
١/ ضعف نظام الإنقاذ فى مرحلته الاخيره ووجود الخلافات بين القيادات الحاكمه وابتعادهم عن القواعد جماهير حزب المؤتمر الوطنى والشعب السوداني وعدم تصدى القواعد للقيادات لضعف الثقه فيهم واصبحت الدوله ضعيفه فى اسس الإدارة السياسيه والاقتصادية وعدم تنفيذ السياسات المقرره منذ عام ٢٠١٣م.حكومه ،حركه،حزب.
2/ تنامى الشعور لدى المعارضه بأن هذيمه نظام الإنقاذ ممكنه بعد ظهور
الشباب فى المظاهرات بكثافه وشجاعة فائقه وتحديه للاجهزه الامنيه بعد
ان عاشوا فترات طويله تحت وهم الاعتقاد بقوة نظام الإنقاذ وعدم امكانيه
هذيمته او اسقاطه بعد ان انكشف لهم الضعف الداخلى للانقاذ وعدم استعداد
منسوبيه فى الحركه الاسلاميه والمؤتمر الوطنى الدفاع عنه مع ازدياد قوة
التنظيمات الداعيه للتغيير كما أن اعتقاد حلفاء نظام الإنقاذ انه لم يعد
يستحق الدعم فكان هو العامل الاكثر اهميه لاستمرار المتظاهرين فى الشوارع.
3/شعور قطاع عريض من السودانين بالظلم وعدم المساواة السياسيه والاقتصادية
ناتجه من نقص الحريه والعدل والمساواة والمشاركة والحيلوله دون ممارسه
الحقوق السياسيه والحرمان من المشاركة فى عوائد التنميه الاقتصادية نتيجه
سياسات نظام الإنقاذ والفساد المؤسسى وضعف ثقه الرأى العام بوعود نظام الإنقاذ على تحسين الأوضاع وحل المشاكل انذاك.
الخاتمه:.
لقد بداء نظام الإنقاذ قويا شامخا واجهه كل التحديات الداخلية والخارجيه وجبهات
حروب مستقلا شباب الحركه الاسلاميه فى تلك المواجهات بعد ان حقق أهدافه
بالقضاء على الحركات المسلحه او الدخول معها فى تسويات قام أبعادهم
من المشهد السياسى فبرزت مجموعه السائحون التى خاضت حوارا مع
التنظيمات السياسيه والحركه الشعبيه تم اخماد تلك المحاولات بحجه ان التفاوض من مسؤليه الحكومه.
* بابعاد الحركه الاسلاميه وشبابها ظهرت الثقوب فى الداخل لذلك انهار
نظام الإنقاذ عندما امتلكت القوى الداعيه للتغيير شجاعه تحديها وكشف زيف قوة نظام الإنقاذ .
* استعانه نظام الانقاذ بالقوى السياسيه وادخالها فى الحكومه بنسبه ٥٢%
من القوى السياسيه الأخرى بالمشاركة فى الحكم خارج المؤتمر الوطنى والحركه الاسلاميه.
* استبدل نظام الإنقاذ قوته العسكريه الاحتطياطيه التطوعية بقوة عسكريه
أخرى( الدعم السريع ) واعده له قانون واحاله عدد كبير من الضباط إلى المعاش
واتهام اخرين بمحاولات انقلابيه من الذين كانوا من المخلصين فسقط فى رمشه عين .
نواصل فى مقال عن التأثيرات الخارجية التى ادت لسقوط نظام الإنقاذ.
دكتور عصام حامد دكين باحث و اكاديمي واعلامى ومحلل سياسى واقتصادى.
التعليقات مغلقة.