الايام نيوز
الايام نيوز

عمل الشرطة في حالات الظروف العادية والنزاعات والحروب(3)

البيرت قصيري/ Albert Cossery، كاتب، مخرج روائي وفلسفي، كتب عن الكسل

وعدم العمل، لأنه كان يقتات عيش حياته، من ريع عقارات وأطيان، ميراث له،

ويتعيش من ما يكتبه من روايات باللغة الفرنسية، وهو مصري الجنسيه لأصول سوريه، 94 سنه، وفاته يونيو 2008م، وكتب عن الشرطة، يقول:(علينا أن ندرك شيئاً بالغ البساطة، وهو، أن سلطة الشرطة الدائمه، هي إمتثالها لكل الأنظمه).

وبحسب الدكتور/ هربرت ماركوزه Herbert Marcuse، ألماني أمريكي الجنسيه،

أستاذ علم إجتماع، ومنظر سياسي لليساريين الألمان المعارضين، أستاذ جامعي،81 سنه، توفي في ألمانيا 1979م، فقد كتب عن العنف والسياسة والسلطة، يقول:(العنف، هو التجلي الأكثر بروزاً للسلطه، وكل سياسه، هي صراع من أجل السلطة، والعنف هو أقصى درجات السلطة).

وطبقاً لمصفوفة قاعدة الروكيبي ROCCIPI في علم صناعة التشريع والقانون، وهو مصطلح مأخوذ من بدايات الأحرف الأولى لكلمات المصفوفة باللغة الإنجليزية: Rule القاعده القانونية.

Opportunity الفرصة أو السانحة لتشريع القاعدة القانونية. Capacity كفاءة أو قدرة القاعدة القانونية لمعالجة المشكله. Interest الحاجه أو الرغبة، أو الضرورة الملحة للتشريع. Correspondence الإتصال أو التواصل والتوعية لنشر القانون وتبليغه.Process /، Procedure الجهة المكلفة والمعنية بتنفيذ التشريع. Ideology الأيديولوجيا أي التأثير الفكري أو الثقافي، وأثر الثقافة السياسية، على المخاطبين بالقاعده القانونية.

فمن القراءة التحليلية والاستقرائية لمصفوفة التشريع للقاعدة القانونية، الحاجة الضرورية للواقع، أبرزت، ما يبرر إستخدام القوة المعقلنه لصناعة وفرض وإستدامة السلام في مجتمع الدوله بالتشريع له، بآليات وضع التشريعات والقوانين المقررة التي تسنها الدولة، لهندسة وتسيير حياة أفراد المجتمع تشريعاً.

ومن ثمّ، حاجة الدولة إلى منّ يقوم بفرض وتنفيذ تشريعات القوانين التي شرعنتها الدوله، بشكل فعال.

ولذلك، مؤسسة الشرطة وما يوازيها من أجهزة ومؤسسات القمع والإزعان العسكري والمدني المعقلن: مؤسسة الجيش، أجهزة القضاء، وأدوات التشريع، جميعها، بالتعاون والتنسيق وتكامل الادوار بينها، بواسطتها وبها، تستطيع الدولة التعبير عن مظهر سلطتها وسيطرتها وسطوتها على إقليم أرضها، لتقديم خدمتي الحماية والأمن الحسي المعنوي للمواطنين، وتسهيل الحياة المشتركة، وردع تخريب الإتحاد والتوافق الاجتماعي، وإستدامة العمل لبناء مجتمعات موحده ومتكاتفه، ليتمكن أفراد المجتمع من العيش في وئام وسلام وأمن وطمأنينه.

ففي النظم الحديثه المعتبرة الراقية، الشرطة هيئة مكونه من أفراد وطنيين، وإن كان بعض الدول قليلة السكان وضعيفة القدرات والكفاءة، تستعين بأفراد لا يحملون جنسية الدولة.

وبالتالي، الافراد شاغلي وظيفة الشرطة، بحكم وظيفتهم، يمثلون السلطة المدنية للحكومة.

وكما أنه، وعادة، تكون الشرطة مسئولة عن الحفاظ على النظام العام، والسلامة العامة، وإنفاذ القانون، ومنع الأنشطة الإجرامية والحدّ منها، وكشف ما يقع من أنشطة إجراميه، والتحري والتحقيق فيها، وملاحقة وتتبع حركة الجُناة المتهمين والقبض عليهم، وتقديم الجُناة المتهمين للقضاء.

وهذه المهام تُعرف بإسم وظيفة الشرطة Policing، وتصنيفاً، يشار لها بالمهام والوظائف التقليدية للشرطة.

ولذلك، يُعهد إلى الشرطة ببعض الأنشطة التنظيمية والتراخيصية: أعمال تراخيص وتنظيم حركة السير والمرور، أعمال الجوازات والهجرة والجنسية، أعمال تنظيم التجمهرات والمسيرات السلمية، أعمال فض الشغب والتجمهرات الغير مشروعة، وما إلى ذلك من مظاهر الوظيفة الادارية والضبط الاداري.

وتشير أنيكي أوسي Aniki Osei خبيرة إصلاح القطاع الأمني في الأمم المتحدة (منظمة العفو الدولية/ هولندا)، لجملة مهام ووظائف إضافية نوعية للشرطة، ومبررة مرئيتها، بأن المهام والوظائف يكون قد نصت عليها القوانين الوطنيه، وكانت المهام والوظائف، لا تتسم بالطابع العسكري، وعلى سبيل المثال: مكافحة الحرائق، أعمال السجون، حماية ومراقبة مرافق السكه حديد والنقل النهري والبحري والبري والجوي، أعمال الهجرة والجوازات وتصاريح مرور الأجانب، إقامة بعض الدعاوى النوعية ذات الصلة بأعمال وظيفة الشرطة، القيام بمهام عمليات الأمن الداخلي المتعلقة بأمن الدولة وأعمال الإستخبارات وجمع وتحليل المعلومات والتعامل معها، حماية كبار الشخصيات الهامة في الدولة.     

ومع ذلك، المهتمون والمختصون بشئون أعمال وظيفة الشرطة، إنتقد الفهم الشائع التقليدي لكلمة بوليس Police، نظراً لها بأنها تشير إلى أعضاء مؤسسة عامة، لديهم الأهلية القانونية للحفاظ على النظام العام، وإنفاذ القانون، وتبريرات وجهة نظرهم الانتقادية للمفهوم التقليدي لمهام ووظيفة الشرطة، نشير لها في الآتي:

1. أنه يُعرِف الشرطة من خلال غاياتها، بدلاً من الوسائل المحددة التي يستخدمها أفراد الشرطة لتحقيق أهدافهم.

2. تتنوع وتتعدد المواقف الإشكالية التي يُطلب فيها من الشرطة، التدخل بشكل أكبر بكثير من تنفيذ وتطبيق القانون، والحفاظ على النظام العام. 

 والنتيجة، تشكّل إجماع بين الباحثين المختصين والمهتمين، تبلور عنه تعريف لعالم الاجتماع الأمريكي إيغون بيتنر Egon Bittner، لقوله الآتي:(السمة المشتركة بين جميع الوكالات المختلفة المُشارِكة في الشرطة، هي الكفاءة القانونية لفرض تدابير قسرية، وغير قابلة للتفاوض، لحل المواقف الإشكالية.

 The common feature among all the different agencies engaged in policing is the legal competence to enforce coercive, non-negotiable measures to resolve problematic situations).

وتبعاً لتعريف عالم الاجتماع الأمريكي إيغون بيتنر، فإن المواقف الإشكاليه، وتصدي الشرطة لها، تتميز بميزتين: 

(1) إحتمال أن يسبب الموقف الإشكالي الضرر.

(2) الحاجة إلى حل الموقف الإشكالي بشكل عاجل قبل أن يتطور بإمكانياته وقدراته لمرحلة أكثر تعقيداً.

ومن ثم، فإن الإستخدام الفعلي للإكراه، أو التهديد بإستخدامه، يسمح للشرطة بوضع حد سريع، وغير تفاوضي، وغير قاطع، للمواقف الإشكالية؛ على سبيل المثال: إبعاد الناس عن مكان الحريق لحمايتهم، والسماح لرجال الإطفاء بالقيام بوظيفتهم.

أو، إبعاد الناس عن مسرح حادث للقتل أو السرقه، لحماية وحفظ الموجودات في مكان الحادث، والسماح لأتيام التحري والتحقيق بدخول مسرح الحادث للقيام بوظيفتهم).

وباتباع تعريف إيغون بيتنر Egon Bittner، فإنه يمكن القيام ببعض أعمال الشرطة من عدة وحدات مهنية مختلفة: الشرطة العامة، الجيش، الوحدات الأمنية الخاصة، الوحدات الحكومية التي تتمتع بصلاحيات مراقبة وتحقيق مختلفة.

ومقابلة للمفاهيم العديده، عن الشرطة، وصلتها وعلاقتها بمجتمع الدولة الحديثة المعاصرة، ووظيفتها المتعددة في مجالات، الوظيفة الادارية، وأعمال الضبط الاداري، وأعمال الضبط القضائي، لإعتبار الشرطة قوة نظامية، وأنها من أدوات القمع والعنف المعقلن.

فإنه من وجهة نظر أخرى، يُنظر إلى الشرطة، بأنها كيان خدمي للمجتمع، ومعنية بشكل كبير وواسع، بوظيفة تقديم المساعدة لمن يحتاجها، سواء في حالة السلم أو حالات الإضطرابات والنزاعات المسلحة والحروبات.

وهو أمر يطرح أعمال الشرطة في حالة النزاعات المسلحة والحروبات، ونشير لها تفصيلاً من واقع التشريعات الدولية والاقليمية، والتشريعات الوطنية، نظراً للمهام والوظيفة التقليدية للشرطة، وبأنها قوة نظامية خدميه مدنية التشغيل لتقديم خدمتي الحماية والأمن لأفراد المجتمع.

فريق شرطة(حقوقي)    

د. الطيب عبدالجليل حسين (المحامي)

 17 /07/ 2023م

التعليقات مغلقة.