الايام نيوز
الايام نيوز

دور القوى السياسية(٧) بقلم د. عبد العظيم حسن المحامي

دولة القانون
دور القوى السياسية [7]
شهداء مجزرة ود النورة وغيرهم، عليهم الرحمة، بكل أسى، سوف لن يكونوا آخر من تنهشهم آلة الحرب. قطعاً، أي حرب يستحيل أن تتوقف طالما أن القوي المدنية منقسمة، وكل واحدة منها تدعم سياسياً وإعلامياً باغياً وحاملاً للسلاح. المثال الحي والأقرب لتوضيح هذه النظرية حرب السودان التي انقسمت بشأنها كل الفصائل والقوى المدنية سواءً مبدئياً أو تكتيكياً وسواء صراحة أو ضمناً. هذا الانقسام كشف أن لكل فريق من تلك الحواضن فلسفته لحساب الربح والخسارة بالنظر لمستقبله السياسي الذاتي وليس الوطني. مهما يكن من أمر، فإن ما لا تدرك مخاطره قوانا السياسية أن آثار انقسامها ليس في تمدد الحرب وإنما على مستوى الاستقطاب الرخيص والمتاجرة بالتأجيج المبطن للفظاعات والوحشية وحجم الخسائر تجاه المدنيين العزل بغض النظر عن انتماءاتهم أو جذورهم.
الحروب ، ولكونها أسوأ وسائل التغيير، فكلما استمرت وتمددت كلما خلقت واقعاً سياسياً أكثر تعقيداً. فحرب السودان عندما اندلعت كانت أضلاعها عشر من ضمنهم المجتمعين الإقليمي والدولي. الإقليميون والدوليون اتحدت مصلحتهم ليس في قيام الحرب وحسب، وإنما في مظاهرة ودعم انقلاب الجنجويد ليسطروا بالوكالة على زمام الوطن والمواطن. بعد عام من الحرب لم يعد الحلفاء على ذات القلب، فمنهم من لم يزل يظاهر الدعم السريع سراً أو على استحياء. من جانب آخر مضى فريق منهم ليدعم، وصراحة، القوات المسلحة. بالطبع حتى من ليس هو اليوم ضد القوات المسلحة كمؤسسة فقط غير راغب في التعامل مع قيادتها. من حيث البعد الإقليمي والدولي بات من الواضح أن استمرار انفلات قوات الجنجويد وتحركاتها الغوغائية والهمجية جعلت من الصعب تصور أي علاقة استراتيجية مع هذه القوات.
ارتفاع وتيرة القتل والنهب والاغتصاب الموجه ضد المدنيين كشف أن المواطن في حد ذاته هدف صريح لهذه الحرب. التنامي والزيادة في حدة العنف ضد المواطن، ورغماً عن مراراته إلا أن له دلالات على أن هذه الحرب تتجه إما لمرحلة جديدة أو نهايات تدريجية، وبكلفة أعلى. بوصفه الضحية الأكبر، فالمواطن، وبلا أدنى شك زادت قناعاته أكثر بألا أمل في القيادات التي لعبت دوراً إيجابياً أو حتى سلبياً في هذه الحرب ومسلسل تمددها. من الناحية الأخرى، من تبقى من العقلاء سيضغطون لتناسي الخلافات الشخصية والحزبية والجهوية والتوافق على المصلحة الكلية للوطن. من يصر على تأجيج الصراعات تحقيقاً لأهدافه الذاتية فمصيره المزيد من الانتحار السياسي، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
7 يونيو 2024

التعليقات مغلقة.